فقه الطهارة الشطر الأول الوضوء

مساحة إعلانية

الجمعة، 16 ديسمبر 2016

الجمعة، 16 ديسمبر 2016

فقه الطهارة الشطر الأول الوضوء

المبحث الأوَّل: الإسلام
يُشترط أن يكون المتوضِّئ مُسلمًا؛ ولا يصحُّ من كافرٍ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، وقولٌ للحنفيَّة.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ [التوبة: 54].
وجه الدَّلالة:
أنَّ هؤلاء لم يُقبَلْ منهم لعَدَمِ إيمانهم؛ ممَّا يعني أنَّ الإيمان شرطٌ لقَبولِ الأعمال، ومنها الوضوءُ.
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمعاذِ بنِ جبل رَضِيَ اللهُ عنه حين بعَثَه إلى اليمن: ((إنَّك ستأتي قومًا أهلَ كتابٍ، فإذا جئتَهم فادْعُهم إلى أنْ يشهَدوا أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، فإنْ هم أطاعوا لك بذلك، فأخبِرْهم أنَّ الله قد فرَض عليهم خمسَ صَلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ...)).
وجه الدَّلالة:
أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبر أنَّ هذه الواجباتِ لا تلزَمُ إلَّا بعدَ الإيمان.
ثالثًا: أنَّ الكافرَ ليس أهلًا للنيَّة، والنيَّةُ شرطٌ في صحَّةِ الوضوء.
المبحث الثَّالث: مواطن مشروعيَّته
المطلب الأول: الوضوء للأذان
يستحب الوضوء للأذان  .
المطلب الثاني: الوُضوء للصَّلاة
الفرع الأوَّل: حُكم الوُضوء للصَّلاة
الطَّهارة من الحدَث شرطٌ لصحَّة الصَّلاة  .
الفرع الثاني: تجديد الوُضوء لكلِّ صلاة
يُسَنُّ تجديدُ الوُضوء عند كلِّ صلاةٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة.
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن أنسِ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتوضَّأُ عند كلِّ صلاةٍ، قال: كيف كنتم تصنعونَ؟ قال: يُجزئُ أحدَنا الوضوءُ ما لم يُحدِثْ)).
الفرع الثَّالث: الوضوءُ لصلاة الجنازة
الطَّهارة من الحدَث شرطٌ لصحَّة صلاة الجنازة  .
الفرع الرابع: الوُضوء لسجود التِّلاوة
اختلف العلماءُ في اشتراط الطَّهارة في سجودِ التلاوة على قولين: بالاشتراطِ وعدَمِه  .
المطلب الثَّالث: الوُضوءُ للطَّواف
أجمع أهل العلم على مشروعيَّة الطَّهارةِ في الطَّواف، واختلفوا في لُزومِها  .
المطلب الرَّابع: الوُضوء لقراءة القرآن
يجوز للمحدِث حدثًا أصغَرَ أن يقرأ القرآنَ دون أن يمسَّ المصحَفَ، وإنْ كان الأفضَلُ له أن يتوضَّأَ.
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن المهاجرِ بن قُنفذ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أنَّه أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو يبولُ، فسلَّمَ عليه فلم يَرُدَّ عليه حتَّى توضَّأَ، ثم اعتذَرَ إليه، فقال: إنِّي كَرِهتُ أن أذكُرَ اللهَ إلَّا على طُهرٍ، أو قال على طهارةٍ))
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّ الأفضلَ ألَّا توجَدَ الأذكارُ إلَّا في أكمَلِ الأحوالِ، والقرآنُ أفضَلُ الذِّكرِ.
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يذكُر اللهَ على كلِّ أحيانِه)).
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الحديثَ مُشعِرٌ بوقوع الذِّكر حالَ الحدَث الأصغرِ؛ لأنَّه من جملة الأحيانِ المذكورة.
3- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّه بات عندَ مَيمونةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها، وهي خالَتُه، قال: فاضطَجَعتُ على عَرضِ الوِسادةِ، واضطَجَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأهلُه في طُولِها، فنام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى انتَصَف اللَّيلُ، أو قَبلَه بقليلٍ، أو بعدَه بقليلٍ، ثم استيقَظ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجلَس، فمسَح النَّومَ عن وجهِه بيدِه، ثم قرَأ العشرَ آياتٍ خواتيمَ سورةِ آلِ عمرانَ، ثم قام إلى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فتوضَّأ منها فأحسَن وُضوءَه، ثم قام يُصلِّي...)).
وجه الدَّلالة:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قرأ القرآنَ، بعد استيقاظِه مِن النَّوم وقبل أن يتوضَّأ؛ فدلَّ على جوازِ قراءةِ القُرآن للمُحدِث حدثًا أصغَر.
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على جوازِ قراءة القرآنِ للمُحدِث: ابنُ عبدِ البَرِّ، والقاضي عِياض، والنوويُّ، وابنُ تيميَّة.
ثالثًا: من الآثار
عن عبد الرَّحمن بن يزيد بن جابر قال: (كنَّا معه- أي: سلمان- في سفرٍ، فانطلق، فقضى حاجتَه، ثمَّ جاء، فقلت: أيْ أبا عبدِ الله، توضَّأْ لعلَّنا نسألُك عن آيٍ من القرآنِ، فقال: سَلوني؛ فإنِّي لا أمسُّه، إنَّه لا يَمسُّه إلَّا المُطهَّرون؛ فسألْناه؛ فقرأ علينا قبل أن يتوضَّأ).
المطلب الخامس: الوُضوء لِمَسِّ المصحف
لا يجوز مسُّ المصحفِ مِن غير وضوءٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة: 77-79].
وجه الدَّلالة:
أنَّ المطهَّر هو المتطهِّر من الحدَثينِ: الأصغر والأكبر.
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
حديث: ((لا يَمسَّ القرآنَ إلَّا طاهِرٌ)) .
وجه الدَّلالة:
 أنَّ لفظة (طاهر) يشمل معناها: الطاهِر من الحدَثينِ: الأصغر والأكبر.
ثالثًا: من الآثار
عن عبد الرَّحمن بن يزيدَ بن جابر قال: (كنَّا معه- أي: سلمان- في سَفَرٍ، فانطلق، فقضى حاجتَه، ثم جاء، فقلت: أيْ أبا عبدِ الله، توضَّأْ لعلَّنا نسألُك عن آيٍ من القُرآنِ، فقال: سَلُوني؛ فإنِّي لا أمسُّه؛ إنَّه لا يَمسُّه إلَّا المطهَّرون؛ فسألناه؛ فقرأ علينا قَبل أن يتوضَّأ)
فرع: مسُّ الصَّغيرِ للمُصحف على غيرِ طهارة
يجوز للصَّغيرِ المميِّز مسُّ المصحَف للتعلُّم والحِفظ، ولو كان على غيرِ طهارةٍ  ؛ نصَّ على هذا جمهورُ الفُقهاء: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، وهو وجهٌ للحنابلة.‌
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الحاجةَ ماسَّة إلى تعلُّم الصِّبيانِ للقرآن، وفي تكليفِهم بالوضوءِ حرَجٌ عليهم؛ وذلك لتكرُّره، بالإضافة إلى عدمِ قُدرَتِهم على الاحتفاظ بوضوئِهم غالبًا، ويشقُّ منعُهم منه بدون طهارةٍ.
ثانيًا: أنَّ الصِّبيان لو مُنعوا من مسِّ المصحَف إلَّا بطهارةٍ، لم يَحفظوا القرآن، ولنَفَروا مِن تعلُّمه، وفي تأخيرِهم إلى البلوغ تقليلٌ لحِفظ القرآنِ؛ فيُرخَّص لهم للضَّرورةِ.
ثالثًا: أنَّ الصِّبيانَ لا يُخاطَبون بالطَّهارة، ولكن يُؤمَرون به تخلُّقًا واعتيادًا.
رابعًا: أنَّ الصبيَّ وإن كانت له طهارةٌ، إلَّا أنَّها ليست بكاملةٍ؛ لأنَّ النيَّة لا تصحُّ منه، فإذا جاز أن يحمِلَه على غيرِ طهارةٍ كاملة، جاز أن يحمِلَه مُحدِثًا.
المطلب السادس: الوُضوء عند النَّوم
يُسنُّ الوضوءُ عند النَّوم، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة.
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن البَراء بن عازب رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أتيتَ مَضجَعكَ فتوضَّأْ وُضوءَك للصَّلاة...)).
المطلب الثَّامن: الوُضوءُ للجُنُب عند أكْله وشُرْبه ونومِه
يستحبُّ للجُنب الوُضوءُ إذا أراد الأكْل والشُّرب أو النَّوم؛ وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، واختاره ابنُ حَزمٍ .
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن ابن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ عمر بن الخطَّاب سأل رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيرقُدُ أحدنا وهو جُنُب؟ قال: ((نعَمْ، إذا توضَّأ أحدُكم، فليرقدْ وهو جنُب)).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا كان جُنبًا فأراد أن يأكُل أو ينام، توضَّأ وضوءَه للصَّلاة)).
المطلب التَّاسع: الوضوء عند معاودةِ الوَطءِ
يُستحبُّ للجُنُب الوُضوءُ، إذا أراد أن يعاوِدَ الوَطءَ مرَّةً أخرى، نصَّ عليه الجمهور: الحنفيَّة والشَّافعيَّة، والحنابلة، وهو قولُ جماعةِ الصَّحابةِ والتَّابعين، وأكثَرِ العلماء.
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أتى أحدُكم أهْلَه، ثم أراد أن يعودَ، فليتوضَّأْ)).

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ ادعوكم الى العزيز الغفار 2017 ©